الجمعة، 23 سبتمبر 2016

الاجماع علي كروية الارض واستدارة الافلاك واحاطة السماء بالارض

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة ، قال الله تعالى : ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون )، وقال تعالى : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ). قال ابن عباس : في فلكة مثل فلكة المغزل .
وهكذا هو في لسان العرب الفلك : الشيء المستدير . قال تعالى : ( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ) والتكوير هو التدوير .
وأما إجماع العلماء : فقال إياس بن معاوية - الإمام المشهور قاضي البصرة من التابعين -: السماء على الأرض مثل القبة .
وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي - من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد -: لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة ، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب ، كدورة الكرة ، على قطبين ثابتين غير متحركين : أحدهما في ناحية الشمال والآخر في ناحية الجنوب.
قال : وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة .
قال : ويدل عليه : أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد ، بل على المشرق قبل المغرب .
قال : فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء ، كالنقطة في الدائرة .
وقد يظن بعض الناس أن ما جاءت به الآثار النبوية من أن العرش سقف الجنة ، وأن الله على عرشه ، مع ما دلت عليه من أن الأفلاك مستديرة ، متناقض ، أو مقتض أن يكون الله تحت بعض خلقه ، كما احتج بعض الجهمية على إنكار أن يكون الله فوق العرش باستدارة الأفلاك ، وأن ذلك مستلزم كون الرب أسفل .
وهذا من غلطهم في تصور الأمر .
ومن علم أن الأفلاك مستديرة ، وأن المحيط الذي هو السقف هو أعلى عليين ، وأن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه وهو قعر الأرض هو " سجين " " وأسفل سافلين "، علم من مقابلة الله بين أعلى عليين ، وبين سجين ... أن السماء فوق الأرض مطلقا ، لا يتصور أن تكون تحتها قط ، وإن كانت مستديرة محيطة.
وعلم أن الجهة قسمان : قسم ذاتي . وهو العلو والسفول فقط .
وقسم إضافي : وهو ما ينسب إلى الحيوان بحسب حركته ، فما أمامه يقال له : أمام ، وما خلفه يقال له خلف ، وما عن يمينه يقال له اليمين ، وما عن يسرته يقال له اليسار ، وما فوق رأسه يقال له فوق ، وما تحت قدميه يقال له تحت ، وذلك أمر إضافي .
أرأيت لو أن رجلا علق رجليه إلى السماء ورأسه إلى الأرض أليست السماء فوقه ، وإن قابلها برجليه ، وكذلك النملة أو غيرها لو مشى تحت السقف مقابلا له برجليه وظهره إلى الأرض لكان العلو محاذيا لرجليه وإن كان فوقه ، وأسفل سافلين ينتهي إلى جوف الأرض . والكواكب التي في السماء وإن كان بعضها محاذيا لرؤوسنا ، وبعضها في النصف الآخر من الفلك ، فليس شيء منها تحت شيء ، بل كلها فوقنا في السماء ، ولما كان الإنسان إذا تصور هذا يسبق إلى وهمه السفل الإضافي كما احتج به الجهمي الذي أنكر علو الله على عرشه ، وخيل على من لا يدري أن من قال : إن الله فوق العرش فقد جعله تحت نصف المخلوقات ، أو جعله فلكا آخر ، تعالى الله عما يقول الجاهل" انتهى باختصار من " مجموع الفتاوى " (25/193-197) .
والشاهد هنا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية تقريره أمرين مهمين :
الأول : استدارة الأفلاك ، واتفاق العلماء على ذلك من قديم الزمان .
الثاني : إثبات أن الجهة الذاتية للأرض هي الجهة التي يرد عليها الخطاب الشرعي في تقرير صفة العلو لله سبحانه وتعالى ، وليست الجهة الإضافية لكل مخلوق على حدة . وهذا هو المبدأ ذاته الذي ينبغي أن يعتمد في اتجاه القبلة ، فالواقع في شمال الكرة الأرضية لا بد أن يتجه جنوبا ؛ لأن القبلة ( الذاتية ) للأرض هي الجنوب لمن هو في الشمال الأرضي .
وبهذا يتبين أن جهة القبلة هي جهة واحدة وهي الجهة الذاتية للأرض .
والله أعلم .

إجماعُ أهل العلم على كرويةِ الأرض:
__________
الإجماع الأول:
ناقله: شيخ الإسلام ابن تيمية.
قالَ -رَحِمَهُ الله- : "اعلم أنّ الأرض قد اتفقوا على أنها كرية الشكل" اهـ
المصدر: الأسماء والصفات (2/1144)
و في مجموعِ الفتاوى: "سئل :عن رجلين تنازعا في كيفية السماء والأرض هل هما جسمان كريان؟ فقال أحدهما كريان، وأنكر الآخر هذه المقالة وقال: ليس لها أصل وردها. فما الصواب؟
فأجاب : السموات مستديرة عند علماء المسلمين، وقد حكى إجماع المسلمين على ذلك غير واحد من العلماء أئمة الإسلام مثل:
1- أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي أحد الأعيان الكبار من الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد وله نحو أربعمائة مصنف.
2- الإمام أبو محمد بن حزم.
3- أبو الفرج بن الجوزي.
وروى العلماء ذلك بالأسانيد المعروفة عن الصحابة والتابعين وذكروا ذلك من كتاب الله وسنة رسوله وبسطوا القول في ذلك بالدلائل السمعية" اهـ
المصدر: مجموع الفتاوى (6/586)
___________
الإجماع الثاني:
ناقله: الإمام أبو محمد بن حزم.
قالَ -رحمهُ الله- باب (بيان كروية الأرض):
"نأخذ إن شاء الله تعالى في ذكر بعض ما اعترضوا به وذلك أنهم قالوا أن البراهين قد صحت بأن الأرض كروية والعامة تقول غير ذلك، وجوابنا وبالله تعالى التوفيق: أن أحد من أئمة المسلمين المستحقين لإسم الإمامة بالعلم رضي الله عنهم لم ينكروا تكوير الأرض ولا يحفظ لأحد منهم في دفعه كلمة، بل البراهين من القرآن والسنة قد جاءت بتكويرها" اهـ
المصدر: الفصل في الملل والنحل (2/ 78)
__________
الإجماع الثالث:
ناقله: أبو الفرج بن الجوزي.
قَالَ -رحمهُ اللهُ- : "لا اختلاف بين العلماء في أن السماء مثال الكرة، وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدور الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين، أحدهما في ناحية الشمال، والآخر في ناحية الجنوب. وكذلك أجمعوا على أن الأرض مثل الكرة" اه
المصدر: مقدمةٌ كتابِ المنتظم في تأريخ الملوكِ والأمم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق